العنوان: في غفلةِ حلم
منصة الرفع:صحيفةُ الأدب
تاريخ الرفع:1|2|2020
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأدب© وتمنح بشرط ذكر المصدر.

العالمُ الالكترونيُّ يبتلع مصافحتنا الودية، يلتفُّ حول أدمغتنا كأفعى خطيرةِ التأثير .
أين المفرُّ وقد ظننّا واهمين ، أنّ التطور جنةٌ ، وأن العالم الافتراضيّ قد يمنحنا صدقَ الحقيقةِ. هنا بين دفّتي عالمٍ أزرق ، وآخر أخضر تعرّفت على أجملِ الناس تعاملاً وأخلاقاً، فهلّا أخبرتموني، أهمْ بهذا الجمال فعلاً، أم أننا نرى على البعدِ كلّ شيءٍ جميلاً كما السرابُ في صحراء العمر !.
أيعقل أنّ أشباه الروح يكونون غالباً بعيدين، فيبخل القرب بمن تركُن إليهم الروح ويتّخذهم القلبُ ملجأ أمان ،
أليست هذه التقنيةُ نعمةً، تكسرُ غرورَ المسافات، وتطوي آلامَ البُعد حتى تجدَ آلاف الأميال على بعد خطوة ؟!
أليس وجهُ الأحبة الذي يطلُّ من شاشةٍ صمّاء أجمل من خيالات القمر !.
بين الخيال والواقع نحن تائهون، نمسك بيد الوهم فنتنبّه إلى حقيقةٍ شبحيّة عنوانها السراب نتمسك بها،
تنتهي بحظرٍ أو انقطاع الشبكة العنكبوتية،
تنتهي بإغلاق حساب ، أو تغيير رقم،
وتجرح (بمتصل الآن) ولا يجيب .
لم نكنْ نتخيل يوماً أن الجروح الالكترونية أقسى من جروح الواقع ، وأننا غرقنا في عالمٍ تكمن خطورته في غموضه وقدرته على التسلل إلى حياتنا وحياة أبنائنا بسهولة، فالأبناء يغلقون أبواب غرفهم ، وبينما تظنهم أنت آمنين ، تسمح بدخول غرباء إلى غرفهم،أفكارٌ قد تكون مسمومة، أشخاصٌ يرتدون أقنعة الملائكة وهم شياطين على هيئة بشر ، وقتٌ ثمينٌ يضيع بلا فائدة ، ويتسرب من بين أيديهم كآخر قطرات ماء في كفّ تائه في الصحراء ، فهم يرمون بدقائقهم وثوانيهم على قارعة لعبة ، أو محادثةٍ تافهة، أو تعارفٍ كاذب، والأمثلة كثيرة ،على حساب رصّ لبِنات مستقبلهم لبناء حياةٍ وإنجازات ،وعلى حساب ذكرِهم وعبادتهم، وتطويرهم لذواتهم فهم سكارى وماهم بسكارى .
لا يعدّ الانقطاعُ عن التكنولوجيا حلاً ، فالإسراف في كل شيءٍ يقلب فوائده أضراراً ، والسير بلا ضوابط وثقةٍ عمياء يجرفناإلى الهاوية ، في هذه التطبيقات الكثيرة ، والعالم الأزرق الجميع محبون، لطيفون، مظلومون ، متحدثون لبقون !!!!!
فهل صفات الملائكة حكرٌ على روّاد وسائل التواصل ، أم أنهم يجعلونك ترى فقط الوجه الذي يرغبون أن تراه
وهو غالباً، معتّقٌ بالزيف حدّ الثمالة .
لتكن حليف الحقيقة والواقع إذن ،
فمهما بلغت سراديب الواقع ظلمةً ، هي أكثر رحمةً من متاهات العالم الافتراضي .
لاتتمسك بما تجهله، فمن طبع الإنسان أن يعشق ما ينسجه خياله من أوهام، وخذ من الصبار ثمرته وتجنب أن تبتلعه بأشواكه فتُجرح وتخسر ،
فلطالما كان الوهم حبيباً كاذباً يتجمّل لك ، ليطعنك في الصميم في غفلةِ حلم .


هناك تعليق واحد: